أن الامام الحسین علیه السلام یحمل رسالة لله تعالى ومنها العقائد الإلهیة الحقة كعقیدة توحید الله تعالى وعقیدة النبوة وعقیدة الإمامة وهو مبلّغ بها، فإنه لا یخفى على المتتبع والمطلع على كتب العقائد لدى مختلف الدیانات السماویة فی عصر الیوم وهو عصر العولمة فإنه یجد إختلافا كبیرا فی العقائد بینها بل هذا الإختلاف موجود حتى داخل مذاهب و طوائف الدین الواحد، ولكن هل هذا الاختلاف من المصدر المكلف بتبلیغ العقائد الإلهیة وهم الأنبیاء والاوصیاء أم لا؟ والجواب على ذلك هو لا بل الإختلاف نشأ من المتلقی لهذه العقائد، فالعقائد الإلهیة هی من القیم الثابتة ولیست من المتغیرات كالكثیر من الأحكام الفقهیة، فالمتلقی للعقائد من الناس یندفع بعضهم بحكم العداء للدین او المال او السلطة الى التلاعب بالعقائد من خلال محاولة تحریفها وخلق البدع والعقائد المزیفة لتمزیق الدین وتشویه العقائد وكثیرا ما یستعملون لذلك علماءً مغرمون بالمال بعد إغرائهم به، وما تحریف التوراة والإنجیل الإ شاهدا خالدا على ذلك وكذلك ما ظهرت من البدع والعقائد الملتویة بعد رحیل النبی الأكرم الى جوار ربه و تقمص الخلافة من الإمام علی أمیر المؤمنین علیه السلام وحیث اشتد إختلاق العقائد المزیفة وكثرة البدع وقد وصلت الى أعلى الهرم فی العصر العباسی حیث ظهور المجبرة والمفوضة والإلحاد والتی تصدى لها الإمام جعفر بن محمد الصادق علیه السلام.
فإذن بعد كل ذلك یكون الكثیر من الناس یحملون عقائداً مضللة وبعیدة عن الحق ولكن حینما یأتی أحدهم الى زیارة إمام الإنسانیة الحسین بن علی علیه السلام سیعلق فی قلبه حب الإمام الحسین علیه السلام والبحث عن عقائده وعن أخلاقه وصفاته وسیرته وعن السائرین على نهجه وعن خطبه وما تضمنت من العلوم وعن أحادیثه وما تضمنت من الحكم وعن مواقفه ونهجه، ولاشك أنه حینما یبحث عن العقائد التی یحملها الامام الحسین علیه السلام كعقیدة التوحید سوف یتأثر بها ویبدأ بمراجعة معتقداته ویجعل من عقائد الإمام الحسین علیه السلام فرقانا ومعیاراً للحق لتمییز الصواب من الخطأ حیث یقول الإمام الحسین علیه السلام فی دعاء عرفة فی عقیدة التوحید وحیث وجود الخالق وأنه لایوصف بأوصاف الخلق: (الهى تَرَدُّدى فِى الاْثارِ یُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ، فَاجْمَعْنى عَلَیْكَ بِخِدْمَة تُوصِلُنى اِلَیْكَ، كَیْفَ یُسْتَدَلُّ عَلَیْكَ بِما هُوَ فى وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَیْكَ، اَیَكُونُ لِغَیْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَیْسَ لَكَ، حَتّى یَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَلیل یَدُلُّ عَلیْكَ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الاْثارُ هِىَ الَّتى تُوصِلُ اِلَیْكَ، عَمِیَتْ عَیْنٌ لا تَراكَ عَلَیْها رَقیباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصیباً))، ویقول أیظا: ( (لْحَمْدُ للهِ الَّذى لَیْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِع، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ، واَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ، لا تَخْفى عَلَیْهِ الطَّلائِعُ، وَلا تَضیعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ، جازى كُلِّ صانِع، وَرائِشُ كُلِّ قانع، وَراحِمُ كُلِّ ضارِع، وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الْجامِعِ، بِالنُّورِ السّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا اِلهَ غَیْرُهُ، وَلا شَىءَ یَعْدِلُهُ، وَلَیْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ، وَهُوَ السَّمیعُ الْبَصیرُ، اللَّطیفُ الْخَبیرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىء قَدیرٌ)) / (دعاء الإمام الحسین علیه السلام عرفة).
فإذن زیارة الأربعین هی أكرم وأفضل كتاب و موسوعة لعقائد الإمام الحسین علیه السلام وفكره ومعارفه فی عالم المكتبات المیدانیة وحیث تجعل الزائر مهما كان دینه و مذهبه وقومیته أشوق لقراءة هذا الكتاب والتزود منه وتنویر القلب بالعقائد الإلهیة الحقة ونبذ البدع التی إختلقها المبطلون مادام هذا الزائر یحمل فی داخله روح الإنسانیة وطلب العلم والحقیقة، وحیث الشواهد والأدلة على ذلك لكثیر حیث نجد الكثیر من العلماء والمفكرین من العرب والأجانب والمستشرقین من المسلمین وغیر المسلمین من الدیانات الأخرى استبصروا حیث كانوا یعتقدون بمعتقدات باطلة ولكن عقائد الإمام الحسین علیه السلام هی التی جعلتهم یوفقون لمعرفة بطلان عقائدهم ومن ثم إحتضنوا عقائد الامام الحسین علیه السلام والتی هی ذاتها عقائد جده رسول الله صلى الله علیه و آله وهی محض العقائد الإلهیة الحقّة.
الكاتب: مهند سلمان آل حسین
مطالب مشابه