من أنحاء المعمورة، توافد الملایین من العراقیین والعرب والأجانب على مدینة كربلاء المقدسة لیكون لهم نصیب من المشاركة فی إحیاء أربعینیَّة الإمام الحسین (علیه السلام)، بعد أیام على بدء سیر الزائرین مشیا على الأقدام لعشرات الكیلومترات دون مبالاةٍ بجوع أو عطش أو تعب وشمس حارقة فی مظاهرة ملیونیة سنویة تلیبة لنداء الامام الحسین (ع)، فی مشهد تاریخی منقطع النظیر.
وذكر مصدر مطلع فی لجنة تنظیم المراسم للوفاق انه قد شارك نحو 20 ملیون شخصاً فی احیاء مراسم هذا العام ومن المتوقع أن ترتفع أعدادهم نظراً لأن زیارة الأربعین فی العراق هذا العام تصادف الاثنین.
وكما كان یحدث فی الأعوام الماضیة عادة قبل یومین من الأربعین، حیث كانت تنحسر أعداد الزوار الراجلین فی طریق كربلاء- نجف المعروف بطریق «یا حسین»، فإن مئات الآلاف من الراجلین من النجف مازالوا فی طریقهم الى كربلاء المقدسة هذا العام الأمر الذی اثار دهشة اصحاب المواكب وزادتهم أهبة لإستضافة الزوار لیوم بعد یوم الأربعین.
ففی طریق «یا حسین» ترى الفقیر والغنی، الكبیر والصغیر وهم راجلین جنبا الى جنب وأبصارهم شاخصة صوب كربلاء المقدسة، وترى الحشود وهی تمثل شعوباً ولغاتً مختلفة ولكنها الیوم تتحدث بلغة واحدة ولها هدف مشترك هو احیاء ذكرى نهضة عاشوراء.
ومن الأمور الملفتة هذا العام مشاركة العوائل التی جاءت بكبیرها وصغیرها لأداء زیارة الأربعین، حیث یشاهد عدد من الزوار وهم یصطحبون عوائلهم وأطفالهم الصغار وقد قدم بعضهم من شتى انحاء العالم ومنها استرالیا وكندا وأمریكا ودول أوروبیة.
وتحدثت الوفاق مع عدد من الزوّار حول زیارة الأربعین الخالدة، حیث قال شاب هندی ویدعى نذیر بأنه جاء من أقصى نقاط الهند لیقول أنه مستمر على نهج سبط الرسول(ص)، فیما قال زائر آخر ویدعى عبد الحی وهو من الأخوة السنّة من شمال شرق ایران أن الإمام الحسین(ع) هو قدوة لجمیع الأحرار ویمثل رمزاً لوحدة المسلمین ضد الظلم.
كما تحدث زائر آخر جاء من امریكا اللاتینیة وكان یحمل علم فنزویلا بأنه جاء الى كربلاء المقدسة لیجدد العهد مع الإمام الحسین(ع).
وحسب ما قاله مسؤولون محلیون فقد اكتظت مدینة كربلاء المقدسة بحشود الزوار الملیونیة الذین جاءوا من كل حدب وصوب من العالم، لزیارة الإمام الحسین وأخیه العباس (علیهما السلام) وطالب مسؤولو المدینة الزوار الذین یصلون المدینة المقدسة أن یغادروها بعد أداء الزیارة نظراً للأعداد الملیونیة الهائلة المتواجدة فیها.
وحسب آخر الاحصائیات فقد دخل الأراضی العراقیة اكثر من ملیونی زائر ایرانی.
وتقدم مؤسسات ایرانیة ومنها وزارة الصحة الایرانیة والهلال الأحمر وبلدیة طهران وبلدیات مدن ایرانیة أخرى خدمات صحیة للزوار وخدمات تنظیف الشوارع فی النجف وكربلاء المقدستین.
كما قامت شركة الاتصالات المحمولة الوطنیة الایرانیة بتركیب مئات العوامید الخاصة بالانترنت اللاسلكی المجانی فی النجف الأشرف وطریق المشاة وكربلاء المقدسة.
وتعمل عشرات المواكب الایرانیة فی طریق «یا حسین» وإلى جانب مواكب اشقائهم العراقیین على تقدیم الخدمة لزوار أربعینیة الإمام الحسین (علیه السلام)، بما فی ذلك تقدیم أفضل الماكولات وحتى المنام و... حیث یتنافس أصحاب هذه المواكب حتى والأطفال على تقدیم الخدمات وهم یتباهون بها ویعتبرونها شرفاً لهم.
وكانت هناك أیضاً مواكب خدمیة للأخوة من أهل السنة وكذلك الكرد والتركمان ومن مختلف الأطیاف فیما تم اقامة مواكب ثقافیة ومنها موكب خاص للأطفال وكذلك موكب عن الشیخ الزكزاكی توزع فیه كتیبات عن مسلمی نیجیریا والظلم الذی یتعرضون له و...
وعلى صعید الاستعدادات الأمنیة اللازمة والمصاحبة للمراسم سنویا، أكدت القوات الأمنیة العراقیة اتخاذها الإجراءات اللازمة كافة، فیما أوضح رئیس مجلس محافظة كربلاء نصیف جاسم الخطابی أن «الخطط الموضوعة لإنجاح الزیارة الأربعینیة تسیر بنجاح كبیر»، لافتا إلى أنه «لم یسجل أی خرق أمنی حتى الآن».
وأشار الخطابی إلى أنه تم وضع 3 خطط لإدارة الزیارة الأربعینیة لهذا العام شملت، الخطة الامنیة والهدف منها تأمین الزیارة والزائرین فی كربلاء المقدسة وما یحیطها وكذلك جمیع الطرقات التی تؤدی للمحافظة المقدسة والتی یسلكها الزائرون، أما الخطة الثانیة فمتعلقة بتوفیر الوقود والطاقة والخدمات الصحیة والخدمات البلدیة، فیما تتعلق الخطة الثالثة بالنقل وتنظیم حركة الزائرین والتی كانت بعهدة وزارة النقل والتجارة لتخفیف الزخم الهائل وتوفیر انسیابیة الدخول والخروج من وإلى كربلاء المقدسة.
وتساعد قوات الحشد الشعبی الى جانب الجیش والشرطة العراقیة فی توفیر الأمن فی طریق یا حسین للمشاة وكربلاء المقدسة.
بدورها نفذت العتبتین العباسیة والحسینیة المقدستین خطة لتنظیم الزیارة وبرنامج مواکب العزاء.
من ناحیتها سیّرت الحكومة العراقیة آلاف السیارات والشاحنات لنقل الزوار الى مختلف مدن ومناطق العراق والحدود مع ایران.
الحشود الملیونیة فی كربلاء المقدسة والأفواج المتجهة الیها جمیعها متحدة تردد (لبیك یا حسین) لتؤكد استمرار نهج سید شباب أهل الجنة وأبا الأحرار(ع).
الوفاق
مطالب مشابه