logo logo
  • تاریخ انتشار:‌ 1395/08/15 - 12:00 ق.ظ
  • چاپ
الزيارة الاربعينية.. بين الواقع والطموح

الزیارة الاربعینیة.. بین الواقع والطموح

صور انسانیة فریدة لا تجد مثلها فی العالم وعلى مدى التاریخ.. ملایین المشاة یتقدمون نحو كعبة الاحرار فی تقلید إشتهر به العراقیون ومحبوا أهل البیت (علیهم السلام) منذ أمد بعید، لیؤدوا فرض الولاء لمبادئ وقیم ثورة ینسب لها كل موقف حرّ شریف، أبیّ على الضیم والانحراف على مدى تاریخنا الاسلامی..

أفواج من البشر تسیر بوقار نحو مدینة كربلاء لتحیی ذكرى الانسانیة الشهیدة التی تلخصت فی یوم عاشوراء من سنة 61 للهجرة بشخص الحسین (ع) واهل بیته وأصحابه الابرار.. الانسانیة التی سفك دمها الشرّ الأموی والذی تجلى عبر العصور بكل الطغاة والعتاة.. والذی نراه الیوم باتباعهم واشیاعهم من الوهابیة التكفیریة.

مشاهد فریدة من العطاء والبذل بلغ بها العراقیون ـ بجدارة ـ ذروة الولاء والحب لسید الشهداء.. یشاركهم بها سائر اتباع اهل البیت (علیهم السلام) وآخرون مسلمون وحتى غیر المسلمین من مسیحیین ومندائیین وایزدیین.

فعلى مدى أیام یسبح الانسان فی فضاء آخر ویتنفس نسائم من وحی السماء.. حقاً انه طریق الجنة.. كما یُعبر عنه.. بعیدا عن كل انانیة وجشع وتمایز.. مقعدون وعجائز، شباب وكهول، صغار وكبار، اغنیاء وفقراء، موج یربط شمال العراق بجنوبه وبالبلدان الاخرى التی یقطنها محبو اهل البیت (علیهم السلام).. وكربلاء تفتح ذراعیها لاحتضانهم بلهفة العاشق..

لكن، هل هذا كل شئ؟ هل الخدمات ولبس السواد وتقدیم الطعام نهایة المطاف وغایة الرحلة السرمدیة هذه؟

لا أرید أن أقلل من ذلك.. بالعكس أحیی وأقبل كل ید كریمة ترسم هذا المشهد وهذه اللوحة الآسرة والخلابة... لكن.. ألیس من المنطقی ان تمتد هذه الجنة وهذا الحلم لتشمل واقعنا على طول العام ولتؤطر سلوكنا فی كل الحیاة.. ألا یدعوا ذلك التاجر المتبرع بان یكف عن جشعه على مدى ایام السنة وینظر لمن حوله ولا یستورد البضائع الفاسدة او یحمل المجتمع اعباء المزید من ثرائه؟! ألا یستوجب المشاركة فی المسیر بطریق الجنة أن یخلص الموظف والعامل والطبیب والمهندس والاعلامی والمقاول (وما ادراك ما الاعلامی والمقاول مع احترامی للشرفاء منهم) وغیرهم... فی عمله ولا یتبجح فی عدم مسؤولیته بكون كبار المسؤولین فاسدین، حسب ما یرى فیهم؟! ألا یوجب ذلك ان ننهی الارتشاء ونكف عن تبذیر بیت المال والعصبیات القومیة والعشائریة والمناطقیة؟!

لماذا لا نجعل الأربعین محطة للوعی والمسؤولیة.. وان نستثمره فی بناء أنفسنا وأوطاننا وأمتنا..

لماذا لا تكون مدننا اكثر نظافة بعد مسیرة الاربعین ودوائرنا تستقبل مراجعیها بهدف الخدمة ومستشفیاتنا وعیاداتنا بهدف العلاج...؟

ولماذا دائما نبحث عن آخر نحمله المسؤولیة.. ونعفی انفسنا منها؟!

 

مطالب مشابه