ومن خلال المماطلة والتسویف الذی اتبعته السلطات السعودیة فی ما یخص حادث سقوط الرافعة، كان من المتوقع أن الحكومة السعودیة ستطمس الحقیقة وتعمل على تغطیة تقصیرها فی مجال توفیر السلامة لحجاج بیت الله الحرام، قبل أن ترتكب جریمة أكبر خلال وقت قصیر على حادث الرافعة، عرفت بكارثة "منى".
ووفقا للتقریر الذی نشرته عكاظ، فقد إدعت وزارة المالیة السعودیة فی تقریرها الصادر الى هیئة التحقیق والإدعاء العام حول سقوط الرافعة بان "المالیة أوقفت الصرف على الرافعة قبل عشرة أشهر من سقوطها وطالبت بإزالتها من موقعها لعدم جدوى وجودها وانتفاء فائدتها".
وحول عدم إزالة الرافعة من المكان، قالت السلطات السعودیة أن مدیر المشروع وهو مصری الجنسیة كما ادعت السلطات السعودیة رفض تنفیذ الأمر بحجة أن أحد المشاریع وقتها كان بحاجة الى تلك الرافعة!.
إذن وكما هو واضح من خلال هذه الإدعاءات تحاول السعودیة التملص من مسؤولیتها فی حمایة الحجاج وتوفیر سلامتهم كما تمصلت من مسؤولیتها فی حادث منى الرهیب الذی اودى باستشهاد وجرح الآلاف من حجاج بیت الله الحرام العام الماضی معظمهم من الإیرانیین.
وباعتقاد المراقبین فان القضیة المهمة التی یجب عدم نسیانها هو أن ما تقوله السلطات السعودیة حول حادث سقوط الرافعة لا یمكن الوثوق به نهائیا، وذلك بسبب أن السعودیة لم تسمح بتشكیل لجنة تقصی حقائق كما كان یفترض أن تشارك فیها الدول التی استشهد مواطنیها خلال الحادث.
وفی هذا السیاق یقول متابعون أن الریاض أهملت موضوع سلامة الحجاج خلال الأعوام الماضیة وخاصة بعد تربع سلمان بن عبدالعزیز على العرش الملكی، حیث صارت الحوادث التی یواجهها الحجاج أثناء تأدیتهم مناسك الحج شبه یومیة تقریبا.
وفی ظل تكرار هذه الحوادث المریرة التی تعبّر بوضوح عن عدم إهتمام السلطات السعودیة بسلامة حجاج بیت الله الحرام، طالبت الكثیر من الشخصیات الإسلامیة بتنحى السعودیة عن إدارة شؤون الحج وإنهاء استفرادها بهذه الشعیرة المقدسة التی تخص جمیع الامة الإسلامیة ولا تعتبر شأنا سعودیا على الاطلاق.
وبعد تسبب السلطات السعودیة العام الماضی بمقتل مایزید على 500 حاج إیرانی فی منى، بادرت السلطات السعودیة الى حرمان الحجاج الإیرانیین من أدائهم مناسك الحج لهذا العام، وذلك بدلا عن تقدیمها إعتذار للعالم الإسلامی بسبب ما أصاب الحجیج العام الماضی فی منى.
وكما یقول أحد المختصین فی الشأن السعودی فان النظام الملكی السعودی وبسبب غفلة المسلمین عن تراثهم الإسلامی فی الأراضی المقدسة، بات یتعامل مع الأماكن المقدسة وفی مقدمتها الكعبة المشرفة والمسجد النبوی الشریف والآثار الإسلامیة المقدسة الاخرى، وكأنها ملك شخصی!، حیث لا تختلف هذه المعاملة عن تصرفاته فی نهب خیرات وثروات البلاد وإهدارها على دعم المجموعات الإرهابیة والتكفیریة التی تفتك بالمسلمین فی كل من سوریا والعراق ومناطق اخرى من العالم الإسلامی.
وفی ظل استمرار هذا الاستهتار الواضح بسلامة وأمن الحجیج من قبل آل سعود وعلماء الوهابیة، هنالك الكثیر ممن یسأل: متى ستصبح إدارة الأماكن الإسلامیة فی الأراضی المقدسة تدار من قبل كافة الدول الإسلامیة بشكل جماعی لإنهاء التفرد السعودی الذی طال أمده.